responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 256
عنهم: لَا تُقْبَلُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى تُقْبَلُ، وَأَمَّا سَاحِرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُقْتَلُ كَمَا يُقْتَلُ السَّاحِرُ المسلم، وقال مالك وأحمد والشافعي: لَا يُقْتَلُ يَعْنِي لِقِصَّةِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسْلِمَةِ السَّاحِرَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أنها لَا تُقْتَلُ وَلَكِنْ تُحْبَسُ، وَقَالَ الثَّلَاثَةُ حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّجُلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ:
قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ- يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حنبل- عمر بن هارون أخبرنا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
يُقْتَلُ سَاحِرُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرُ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَحَرَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ فَلَمْ يَقْتُلَهَا. وَقَدْ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي الذِّمِّيِّ يُقْتَلُ إِنْ قَتَلَ سِحْرُهُ، وَحَكَى ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَيْنِ فِي الذِّمِّيِّ إِذَا سَحَرَ: إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ أَسْلَمَ، وَأَمَّا السَّاحِرُ الْمُسْلِمُ فَإِنْ تَضَمَّنَ سِحْرُهُ كُفْرًا كَفَرَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:
102] . لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ لِأَنَّهُ كَالزِّنْدِيقِ فَإِنْ تَابَ قَبْلَ أن يظهر عليه وجاءنا تائبا قبلناه، فَإِنْ قَتَلَ سِحْرُهُ قُتِلَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ لَمْ أَتَعَمَّدِ الْقَتْلَ فَهُوَ مُخْطِئٌ تَجِبُ عليه الدية.

[مسألة]
وهل يسأل الساحر حلا لسحره؟ فَأَجَازَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: لَا بَأْسَ بِالنُّشْرَةِ [1] وَكَرِهَ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَّا تَنَشَّرْتَ، فَقَالَ: «أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أَفْتَحَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا» وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ: يُؤْخَذُ سَبْعُ وَرَقَاتٍ مِنْ سِدْرٍ فَتُدَقُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ثُمَّ تُضْرَبُ بِالْمَاءِ وَيُقْرَأُ عَلَيْهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَيَشْرَبُ مِنْهَا الْمَسْحُورُ ثَلَاثَ حَسَوَاتٍ ثُمَّ يَغْتَسِلُ بِبَاقِيهِ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ مَا بِهِ، وَهُوَ جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ الذِي يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ (قُلْتُ) أَنْفَعُ مَا يُسْتَعْمَلُ لِإِذْهَابِ السِّحْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ في ذهاب ذَلِكَ وَهُمَا الْمُعَوِّذَتَانِ، وَفِي الْحَدِيثِ «لَمْ يَتَعَوَّذِ المتعوذ بِمِثْلِهِمَا» وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ فَإِنَّهَا مُطَّرِدَةٌ للشيطان.

[سورة البقرة (2) : الآيات 104 الى 105]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)
نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقامهم وَفِعَالِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يُعَانُونَ مِنَ الْكَلَامِ مَا فِيهِ تَوْرِيَةٌ لِمَا يَقْصِدُونَهُ مِنَ التَّنْقِيصِ، عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يقولوا اسمع لنا يقولون راعنا ويورون بِالرُّعُونَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ

[1] النّشرة (بضم النون وتسكين الشين) : الرّقية يعالج بها المريض ونحوه.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست